Monday, August 13, 2007

الحلقة الخامسة عشرة \الموسم الثاني \ج1

كتبتها نريات
بعينين متكاسلتين كانت ميراندا تسكب كأساً من اللبن المنزوع الدسم... وقعت عيناها على الرقاقة الفضيّة الملقاة على طاولة المطبخ، اتسعت ابتسامتها ببطء و هي تتذكّر كيف وجدتها عالقة بطرف ردائها حين عادت من الخارج ليلة أمس
...
كانت هذه من ابسط الأدوات التي استخدمتها خلال مسيرة حياتها... حين ابصرتها تناولتها بلطف و قلبتها و لم تستغرق طويلاً حتى عرفت جهاز التنصت الدقيق... لم تحتج حتى لمعونة الموجات الكهرومغناطيسية لتميّزه... القته على طاولة مطبخها بلا اكتراث
...
اقتربت من الطاولة و طرقت كأس اللبن قرب الرقاقة الصغيرة بجذل محاولةً أن لا يصدر صوت لضحكتها و هي تتخيّل كيف اجفلت ذلك الشخص الجالس على الطرف الآخر محاولاً ان يلتقط أدنى صوتٍ تصدره... انحنت على الطاولة قليلاً و قالت بصوت مرتفع: مش معقول هاد الحرّ!

كتمت ضحكتها و تناوت كأس اللبن و همّت برفعه الى فمها حين دقّ جرس الباب... نظرت الى الباب قليلاً ثم نظرت الى ساعة يدها و حدّثت نفسها و قد علت وجهها ابتسامة متسائلة: مين بدّو ييجي عندي الساعة سبعة و نص الصبح!!

قفزت من كرسيّها المرتفع برشاقة و فتحت الباب و وقفت في فتحته... نظرت مليّاً الى الرجلين، بدا انهما فنّيان و قد حمل أحدهما علبة معدات معدنية...
نظرت اليهما بتساؤل، فبادرها أحدهما بانجليزية ركيكية:
Good morning, Mr. Abu Ali say u live in his house!

ضحكت ميراندا و بادرتهما بعربيّة صحيحة: صباح النور... ايوه انا مستأجرة بيت حج أبو علي... اي خدمة؟

ظهرت علامات الدهشة على وجهي الرجلين اللذين انفجرا بالضحك و قال أحدهما: و الله حكالنا أبو علي انو اللي مستأجرة بيتو أجنبية، بس ما حكالنا انك بتعرفي تحكي عربي!

ابتسمت ميراندا بسذاجة و ردّت: لا بحكي و بغنّي كمان! تفضّلوا ايّ خدمة؟

ردّ احد الرجلين: على علمي انتي سكنتي و البيت مش مشطّب كامل، فا جبنا معنا طقم حنفية المطبخ مشان نركّبلك ايّاه!

ردّت ميراندا بامتنان و ابتعدت تفسح لهما المجال للدخول: ايوه عمّي كلامك مزبوط! مش عم بعرف استعملها! تفضّلوا تفضّلوا!

دخل الرجلان و باشرا عملهما بمهارة... فيما جلست ميراندا تراقب بانتباه... كانت المقابض كبيرة نوعاً ما... و لم يفت ذلك ميراندا... لم يستغرق معهما العمل أكثر من نصف ساعة، ثمّ لملما معدّاتهما، و استعدّا للخروج... و وقف أحدهما عند الباب يوصّيها: عمّو بدّك تديري بالك، السيليكون لسّا مش ناشف... ما تستعملي الحنفيّة من هلّأ، بدّك تستنّي شي ساعتين... و اذا يتعطيها مجال للضهر بيكون كثير أحسن
...
استمعت ميراندا لوصايا الرجل و هي تومئ برأسها موافقة... خرج الرجلان و وقفت ميراندا عند باب شقتها و ودّعتهما بعبارات الشكر: شكراً عمّو... يعطيكم العافية... شكراً كتير
...

اغلقت باب شقّتها الاستوديو و وقفت تحدّق بالمقابض... اقتربت من الصنبور الجديد و وقفت تتأمّل المقبضين الضخمين بالأزرار الكريستالية التي تتوسطهما... كانت فكرةٌ ما تدور برأسها...
همست لنفسها: معقول؟ عند حنفيّة الميّ؟ اقتربت من المقابض جيّداً و حدّقت فيها عن قرب، و قالت بهمس تعمّدت أن تجعله مسموعاً: واو عمّو ابو علي! فعلاً بتتعامل مع صنايعيّة فنّانين! لكنّ ما كان يدور في رأسها كان شيئاً مختلفاً تماماً...

تناولت حاسوبها المحمول و جلست... انطلقت أصابعها تجوب لوحة المفاتيح بمهارة شديدة، ثم ضغطت مفتاح الادخال و انتظرت بضعة ثواني امتلأت الغرفة خلالها بأمواج كهرومغناطيسيّة لم يكن بقدرة أي جهاز آخر ادراكها لشبهها الشديد بالتشويش الطبيعي... و على شاشتها أومض زر صغير في الزاوية العليا
...
همست لنفسها: "آها"... و حين تموضع المؤشر على الزر الصغير المضاء، ضغطت مفتاح الادخال... فارتسم على شاشتها -التي لا تشبه بشكل من الأشكال لا مايكروسوفت ويندوز و لا أيّاً من البرامج المعروفة - نموذج شديد الدقّة لشقّتها، و على احد المقابض الضخمة التي تمّ وضعها قبل قليل كانت نقطة صغيرة تومض بشكل متقطّع
...
ابتسمت ميراندا لنفسها منتشية بذكائها محاولةً ان لا يظهر عليها أيّ شيء و حدّثت نفسها: آها... نشاط الكتروني... كنت عارفة انو هالحنفيات مش بريئة...
و دون أن تنظر باتجاه الصنبور فكّرت: الكريستال مش عالفاضي، مقصود مشان الرؤية خلالو تكون ممكنة... مافي غيرها... كاميرا! و الله انّك شيطان يا فؤاد! انتَ أو... و لم تكمل جملتها...

2 comments:

Me said...

good writing Naryat! as usual...we will see where this is taking the characters...would be interesting.

Ahmad Tharwt said...

جميل يا جمبل
الحلقة حلوة
لو مفيش حد يكتب انا هكتب