Monday, July 30, 2007

الحلقة الثالثة عشرة \ الموسم الثاني



كتبها احمد ثروت


المشهد الاول


" صباح الخير" قالتها ميراندا لداليا التي التفتت لها مبتسمة ثم قالت : " يسعد صباحك ، اكيد يومي حلو بما انه بدا فيكي "
بادلتها ميراندا ابتسامة صغيرة حنونة وقالت : " كيف البيت معاك يوم الخميس ، ياريت ما سببتلك مشاكل بس

"
قالت داليا : " شوية كلام بيوجع ومر الموضوع بسلام ، ما تشغلي بالك .. بس احنا قضينا وقت كتير حلو يومها انا عمري ما انبسطت هيك ، لازم نبقى نكررها

"
ابتسمت ميراندا في خبث ثم قالت : " أي وقت تحبيه يا حياتي "


داليا : " انت اللغة اتحسنت معاك كتير ، انت كمان صار معك لهجة "


هزت ميراندا كتفها في جذل وقالت : " اظن شهر كفاية للغة ! "


ارتقى حاجبا داليا اندهاشا ولكنها لم تعلق بل قالت : " تحبي نروح الكافيتريا ؟


" ردت ميراندا : " يا ريت.. انا ما قدرت اشرب قهوة الصبح كنت مستعجلة ، لسه عندي مشاكل مع قهوتكم ،الفنجان منها بكوب كامل من قهوتنا "


قالت داليا : "كل شي بخيره عندنا هون ، يلا نروح" وسحبتها من يدها وميراندا منقادة معها ، اتجهوا للمقهى القريب وطلبت كل منهما مشروبها .


" اهلا يا دكتور علي " قالت داليا وهي تخاطب استاذها ورفيقه الذي تعرفته داليا والذي كان قد تعرض لهم من قبل



،فرد الدكتور علي : "اهلا داليا كيف الدراسة معك " وانخرطا بعض الوقت في مناقشة موضوع دراسي لها فوجدت


ميراندا نفسها فريسة لعماد " الرجال ما اقذرهم ان حكمتهم هرموناتهم " خطر ببال ميراندا هذا وهي تنظر لعماد وهو يتهيء ليخاطبها ثم قال " ما اتعرفنا المرة الماضية "


فاصطنعت السذاجة ثم قالت " تحب نتعرف "


ارتبك عماد قليلا ثم قال : " اذا كنت فاضية اليوم على الغدا " ، لقد ملت ميراندا من تلك المحاولات التي لا تنقطع


من الشبان للنيل منها ، أيحسبها الجميع سهلة المنال ان ضاق البنطال على خصرها قليلا ، ولكن هذا


يكفي ، ستحظى ببعض المرح هذه المرة ، لاذت ببعض الصمت قليلا وهي تتأمل وجهه و تتلاعب بقسمات وجهها


بين ابتسامة وشرود وعبوس ولم ترفع عيننها عنه ووجهه يتهاوى مع كل نظرة منها، ثم قطعت الصمت وقالت : "

أظن اني فاضية ... أنا ميراندا "


رد عماد وقد بدأ يتصبب عرقا : " جميل ... تحبي أمر آخدك من وين "


قالت بلهجة شبه آمرة : " البوابة الرئيسية الساعة 2 " وأكملت كمن لا يعني ما يقول " يناسبك هالحكي؟؟ "


رد عماد بحماس : " ممتاز ...أوعدك بقعدة تفوق الخيال ، بكون هناك في الموعد "


قالت ميراندا : " ياريت تبقى هناك لاني ما بحب التأخير "


قال عماد : " انا مواعيدي على الساعة ماشية "


كانت داليا قد انهت حديثها مع استاذها ثم قالت لميراندا : " يلا نمشي "


فقالت ميراندا : " يلا "


فوجهت داليا كلامها للدكتور علي وقالت : "انا مضطرة استأذن هلأ يا دكتور عشان عندي محاضرة


" قال الدكتور علي : " ماشي يا داليا


، ولو احتجتي اي شي ما تترددي تحكي معي.. أنا في المكتب كل يوم من الساعة 8 للساعة 11 " ثم خاطب عماد "


يلا يا عماد "


قال عماد " يلا " والتفت لميراندا وقال " على ميعادنا " فغمزت له ميراندا ثم افترقوا

.

وما ان ابتعدوا مسافة كافية عنهم حتى قالت داليا لميراندا : " المفروض اني أغار لان هدا كان عريسي وانت


خطفتيه مني "


تعجبت ميراندا وقالت : " مش انت بتحبي حسام "


قالت داليا : " أيوة ، بس هدا كان عريس جاي بالطريقة البلدي و شغل خطّابات "


تسائلت ميراندا " الخطابة هاي زي الـ

match maker ؟


" قالت داليا : " أيوة ، واجا هون المرة الماضية علشان كان بده يشوفني لكن شكلك اخدتي عقله "


قالت ميراندا وقد ادركت ان الامر لا يحز في نفس داليا : " لو بدك إياه بتركة "


قالت داليا : "لا أرجوكي حافظي عليه بعيد عني ، انا ما بدي إياه يرجع يخطبني تاني وأهلي ما يصدقوا ، هما حسوا


ان البنت بارت ومستعدين يرموني لاي واحد يريحهم من المصاريف ، حتى بعد اللي عمله "


قالت ميراندا : " ما تقلقي مش راح أخليه يفكر في إنه يحب بعد هيك " ولمحت داليا في عينيها خبثا يلمع بشدة

.


فقالت داليا : " ليش؟ شو اللي مش عاجبك فيه " نظرت ميراندا نظرة شرود للسماء وهي تقول : " مشكلتي مش معاه هو مشكلتي مع الرجال كلهم " ثم تنهدت


فقالت داليا متسائلة : " الموضوع يعني صدمة عاطفية ؟ "

ردت ميراندا : " مش هيك.... بس اشي قريب"


وقعت عين داليا وقتها على الساعة فتذكرت المحاضرة و قالت : " الوقت بيمر معاك بسرعة انا لازم امشي "قالت


ميراندا انا كمان لازم أمشي دوامي يبدأ اليوم ... أحب أشوفك قريب "


ردت داليا : وقت ما تحبي بس ماتخليها سهرات ، بكفي اللي صار المرة الماضية " أقرتها برأسها ثم انفصلت الفتاتان كل الى وجهته


****

المشهد الثاني


اندفع الناس من الباب المؤدي الى قاعة المؤتمر الذي يحمل اسم "دور المنظمات الدولية في عالم ما بعد 11 سبتمبر " ، خداعة هي تلك الاسماء الضخمة ، أدرك الناس ذلك ولكن متأخرا فقد كانوا في تدافعهم لا يفكرون الا في أمر واحد ، ان المدخل لو كان أوسع قليلا لكان المؤتمر أكثر متعة ، كان رزق أحد الضحايا التي تحاول الفرار قبل يصيبها السكري أو الضغط أو أحد تلك الضيوف الثقيلة التي لا تغادر .


كان يمشي وسط زملائه الثلاثة من وفد القاهرة ومعهم اثنين من اساتذتهم ، ثم وجد شيماء تميل عليه وتقول :

"فقدت المرارة ولا لسة " ، تحسس بطنه ثم تنهد وقال : " افتكر ممكن اتحمل محاضرتين مش أكثر "

كانوا قد خرجوا ال الساحة فاتخذوا مكانا لا تطؤه الشمس ثم قال : " الناس دي بتستهبل ، المفروض يقدروا ان احنا

بشر ولينا حدود في كل حاجة " ابتسمت مقرة ثم اتخذت من سيارة مجاورة مجلسا لها


قال لها رزق : " تصدقي فاتني انك في هندسة " ، قالت شيماء : " وايه الغريب في كده ، هي بقت عيب "


قال لها : " ولا عيب ولا حاجة ، بس المؤتمر ده ملوش أي علاقة بهندسة "


قالت شيماء : " آه .. هو لازم يبقى ليه علاقة ، انا طالعة علشان أنا عايز أروح الأردن ، وخالي دكتور عندكم في

الكلية ، وقال لي على المؤتمر على أساس إنه تبقى فسحة حلوة ، كانت هدية عيد ميلاد حلوة "


وصمتت قليلا وهي تنظر إليه بدلال كمن تنتظر أن يبارك لها ، فلاحظ رزق ذلك وقال : " بجد .. ألف مبروك


وعقبال مية سنة ، الواسطة ياما بتعمل ، أنا برضه مش أحسن واحد في الكلية ، بس هيا معارف "


ساد الصت برهة ثم قالت : " في بكرة اجتماع للمدونين كانوا مرتبينه هنا في عمان ، وما دام أنا هنا فأكيد دي

فرصة أحضره ، الإجتماع مع ناس اعرفهم بس لسه أول مرة أشوفهم ، تحب تكون موجود معانا ؟ "


رد رزق : " هو اي حاجة هتكون أرحم من الالم اللي بحس بيه وانا قاعد جوه القاعة دي ومش قادر احدد مكانه لسه

، لكن .. انا مش مدون و مليش مدونة "

قالت له : " مش حاجة مهمة ، محدش واقف على الباب بيطلب عنوان مدونتك ويفحصها ويشوف انت نشط ولا لأ ،

وغير كده نص اللي في الاجتماع أول مرة يشوفوا بعض ، و كمان هو معتمد عل ان يبقى عندك حس فني وثقافة

أدبية مش أكتر ، وأفتكر إنك كده "


أعجبته الكلمة الأخيرة و فكر برهة ثم قال : "فكرة كويسة ، ممكن أجي معاك ، وكمان أبقى شاكر ليكي قوي "


أخرجت قلمها وسجلت على ورقة سطرا صغيرا ثم قالت و هي تسلمه الورقة : دي المدونة بتعاتي لو زرتها اليلة دي

هتلاقي الموضوع بتاع الاجتماع والاعضاء ولينكات لمدوناتهم لو عايز تعرفهم قبل ما نروح "


قال رزق : "كويس انا كنت محتار هقضي الليلة دي ازاي ، طيب ميعاد الاجتماع امتى "
ردت شيماء : " الساعة 4 مساء بكرة "

***
المشهد الثالث


كتبت داليا في مدونتها


أبواب لم نفتحها من قبل


كنت يوما طفلة ، وكنت سعيدة لأني لم اكن قد ذقت التعاسة بعد ، و كان قد مر علي يوم الى الأن لا أنساه ، كنت ألهو مع صديق لي قرب منزلنا ، فإقترح فكرة و أعجبتني ، سألني إت كنت أود أن أذهب معه ونتسلل لنرى ماذا بداخل مصنع الشكولاتة الذي في طرف حينا ، أحببت فعلا أن أعرف كيف تصنع الشيكولاتة ذلك الكائن اللذيذ ، انطلقنا دون أن نفكر مرتين ، غافلنا الحارس بحجر و تسللنا من خلفه ، دخلنا المصنع و تجولنا فيه ، و هناك رأيت قدر الشيكولاتة الضخم ، سال اللعاب أنهارا ، لم أكن أتصور ان العالم به هذه الكمية من الشيكولاتة ، قادني القدر اليه ، مددت يدي لأغترف منه ، احترقت ، صرخت ، وبخني العامل أنا وصديقي ، وبخني والد صديقي الذي حضر لما طلبوه وطبعا لم ينس نصيب إبنه ، وبخني أبي أيضا وحرمني من المصروف أسبوعا ، ولكن ما زال ذلك اليوم يحتل مكانة ذكرى سعيدة في مخيلتي ، لماذا ؟ لا أدري ، ربما خرق القوانين ممتع ، ربما اكتشاف المجهول أمتع ، ربما يكون الأمتع إجتماعهما ، لا أدري ولكن مساء أمس أحسست بنفس الشعور يخالجني مرة أخرى لم يكن هناك جديد ، كانت أشياء أراها كل يوم ، روائح أشمها كل يوم ، أصوات أسمعها كل يوم ولكن أمس استمتعت بها كما لم أستمتع بها من قبل ، كان أمس مساء جميلا فعلا .
التعليقات :
مجهول : أنا بحب الشيكولاتة كمان

.
المشهد الرابع :


كاد حسام ان يصطدم بالسيارة التي اندفعت فجأة أمامه ، هم بأن يشعل فتيل أعصابه لينفجر بذلك الأهوج الذي كان قد تراجع قليلا بمحاذاته ، لم يكن مستعدا ليسمع إعتذاراته كان فقط يعد قنبلة تقريعات ليلقيها عليه ، لكن لما خاطبته وقالت : " اللي ماخد عقلك يتهنى فيه " أسرع يلملم فتيل أعصابه ويطفيء ما اشتعل منه فقد كانت تلك ميراندا ثم قال : " كان ممكن تصدميني أسهل "


قالت ميراندا : " تصدق كان أسهل ... أنا آسفة بس مريت جنبك ولقيتك سرحان على الآخر "


استنكر حسام بلطف قائلا : "المرة الجاية إذا عملت شي زي هاد إعمليه على مسؤوليتك ... أوعدك ، النتايج مش


رح تسرك "هزت كتفها بلا مبالاة مصطنعة وقالت : " بعشق المخاطرة و .. " قاطعها منبه السيارة التي حاولت


اليمين واليسار لتتجاوزهم ولم تفلح ، فأشار حسام الى ميراندا لتتجنب الطريق وتقـف .


وقفت السيارتان وترجل كلاهما ثم قال حسام : " كيفك ميراندا " قالت ميراندا : "منيح انت كيفك " رد حسام سمعت


إن الانترفيو كان كويس "


قالت ميراندا : " أكتر من ممتاز ... اليوم كله كان جميل "


قال حسام : " أيوة داليا قالت لي "


نظرت له سابرة أغواره ، لم تدرك فحوى تلك اللهجة التي يحملها كلامه ردت قائلة : " كنت أتمنى انك تيجي ، بس


وقتها رح تكونوا سوا ورح اكون أنا لوحدي "


فقال حسام : " أنا كنت يومها مشغول بس شكرأ على كل حال "


قالت له : " أبوك شخص ظريف جدا "


قال متهكما : " كل شي وارد " وابتسم بخفة ثم أتبع " داليا معجبة بذوقك في اللي اشتريتيه الك والها" فرأت في


عينيه الشك فتذكرت كيف أنها كانت قد إشتكت من إفلاسها ثم في نهاية اليوم تتسوق في أغلى أسواق عمان .


تداركت خطأها وقالت : "أوف انا كان لي مدة ما اتسوقت ... التسوق مرض في دمي ، أول ما ضمنت الوظيفة

صرفت كل اللي كان في جيبتي ، بس فعلا حسيت كأنه كان حمل وإنزاح "


قال حسام : " المرض هدا مضاعفاته خطيرة ، إنت لسه في المراحل الأولى ، أنصحك تستشيري طبيب ، أمي


عجزت كل الدكاترة علشان إتأخرنا في علاجها "


وعلا صوت باسكال وهي تقول قلبي وروحي من المحمول في جيبه ، كانت تلك نغمة داليا ، فانتفض حسام كمن


صعق وتذكر أنها تنتظره في الجامعة فقال : " داليا رح تقتلني ، الوقت سرقني وأنا معاكي وهي منتظرة ، أنا لازم أمشي "


قالت ميراندا : " في واحد منتظرني كمان بس أنا حابه أتأخر عليه " وغمزت بعينها بخفة واتجهت لسيارتها .


المشهد الخامس :


صاخبة هي دوماً تلك المطارات، حركة مستمرة و أصوات لا تنقطع، و برغم ذلك ترى من وجد في ذلك المقعد القصير الذي لا يصلح حتى للجلوس دعة و سكينة تكفيه ليستسلم للنوم. و مع خيط اللعاب الذي ينسدل من جانب فمه المفتوح،


اشمأزت هيام مديرة وجهها و هي تخاطب فؤاد : " كان لازم الترانزيت يعني؟ كان في حجز مباشر على روما، انتا عارف إني بكره استانبول"

قال فؤاد :" هيام، أنا آسف بس جد جديد ع الشغل و كان لازم امر أقابل ناس هنا، و بعدين كلها تلات ساعات مش سنة، لكن أوعدك... السوق الحرة هون غير شكل"


صمتت هيام قليلا كمن يزن كفتي ميزان قم قالت : " طيب بس بدي الفيزا تبعتك ، أنا رصيد الفيزا معي شطب"


كمن رضي بالسلم مهما غلا ثمنه، أخرج بطاقة من محفظته و أعطاها لها و قال: " خدي راحتك بس أنا لازمهلا اتركك "


مطت هيام شفتيها ثم قالت : " ماشي بستناك في الكافي شوب هدا لما بخلص"


و أشارت لمقهى قريب. لم يرد بل أشار لها مودعاً، و هو ينظر للهاتف فقد كان رنينه قد علا، و رفعه ليرد و هو

يدير ظهره لهيام التي لم تتحرك بعد. نظرت بأسى و مطت شفتيها، ثم رمت الموضوع وراء ظهرها، فقد اعتادت

هذه المعاملة كلما دخل العمل بينهما . نظرت للمحلات يميناً و يساراً لتحدد فريستها الأولي، و الذي كان محل الأحذية الباريسية أمامها .



على مسافة قريبة كان فؤاد يخاطب نعيم، فقد كان هو الذي أزعج هاتف فؤاد " أهلين فؤاد بيك " بدأ نعيم المكالمة محيياً فؤاد الذي تجاهل تحيته و هو يسأله : " كنت كلفتك بمهمة "


اهتزت نبرة نعيم و هو يقول : " أيوة ... من وقت ما كلمتني و أنا متابعها خطوة بخطوة، و.."


قاطعه فؤاد بصوت هادئ:" غبي كالعادة... أنا قولتلك إنها مش ممكن تشوفك... إنت كده بتنهي عمرك بإيدك"



ارتجف نعيم و سرت في ظهره رعشة ثم قال :" آسف فؤاد بيك فاتني أوضح... ناس بتراقبها
و متابعينها طول اليوم، و حاولت اخترق إيميلها و دخلت جوه شقتها و زرعت أجهزة تصنت هناك" هنا تنهد فؤاد

فصمت نعيم و ابتلع لسانه ليسمع

.
قال فؤاد و مازال يحافظ على نبرته الهادئة : " أنا لما أكون أمرتك بشي أحب إنك تعطيني النتائج بس ، كيف

وصلت ولا إيش سويت هادي أشيا ما بتهمني ، أظن إنت عارف كويس إن وقتي أغلى من تفاصيلك " صمت قليلا


و لكن نعيم لم يفتح فمه بعد فهو لم يؤمر بالكلام، ثم أردف فؤاد :" و افهم من إنك حاولت تخترق إيميلها إنك ما قدرت "

قال نعيم و قد تضاءل كل ما فعله و أحس أنه كطالب لم يؤد واجبه : " أنا رحت لعزو اللي كنا اشتغلنا معاه قبل هيك ... ياللي كان في السجن من فترة، و لما حاول يخترق إيميلها حصل العكس و في اللي هاجم جهازه"



هز فؤاد رأسه ثم سأل نعيم:" في إشي تاني ؟ كيف كان بيتها ؟ " قال نعيم:" مالقيت في شي، بيتها نضيف" رد

فؤاد:" أكيد عادي، متل ما اتوقعت... كيف كان طيب ؟ منسق و مرتب ولا مبهدل؟" قال نعيم : " كان كتير منسق " قال فؤاد: " كيف يومها ؟ "



قال نعيم : " بتقضي وقت كتير بالمكتبة و بتعرف ناس كتير، بتسمع موسيقى طول ما بتسوق و بتقضى وقت قليل


جدا بالبيت " قال فؤاد: " داومت في الشركة ولا لسة؟" رد نعيم:" داومت شوية الجمعة ، و أخدت ملفات كتير معاها البيت ، و اليوم ما داومت لسة " قال فؤاد :" عندك شي تاني ؟ " رد نعيم :" لا فؤا..." أغلق فؤاد الهاتف بمجرد أن

قال نعيم لا.


أشعل فؤاد سيجاره الذي كان قد بدأه في الصباح، و وقف صامتاً لبرهة، و الناس لم تتوقف عن المرور جيئة و



ذهاباً، ثم رفع الهاتف ليخاطب ميراندا. " أهلين ميراندا" ردت ميراندا بمرح :" أهلا فؤاد... كملت السي في الضخم بعني، أنا كنت متصورة إنك مش هتفتحه حتى"



قال فؤاد:" كان وقتي فاضي شوية، بس رقم الموبايل بيبقى مكانه أول صفحة، مو آخر صفحة" قالت ميراندا:" كنت تقدر تسأل "

قال فؤاد : " أكيد... بس أنا بحب الهارد واي، و كنت متأكد إن ألغازك كتير". ابتسمت في جذل ابتسامة لم يرها، ثم أتبعت : " الشركة نشاطها قليل كتير، تحب أحافظ عليه هيك ولا تحب إنه يزيد؟" قال فؤاد :" و ليش بحب إنه


يضل هيك ؟ " قالت ميراندا: " أسباب كتير، بتخبي نشاط عن الضرايب مثلا ، فلوسك كتير و بتسلي وقتك، أو

أشيا كتيرة "
توقع فؤاد إجابة كتلك، و لكنه قال " تفكير سليم، بس الموضوع أبسط من هيك كتير، أنا بس عندي أكتر من نشاط،



و وقتي ضيق.... لو راهنت ان الشغل ريّحك أكسب؟" ردت ميراندا:" أظن هيك، أنا بدرس نشاط الشركة القديم، و


رح ارجعلك لو احتجت اتخذ قرارات، بدك شي اتي ؟ " قال فؤاد:" لو احتجت اشي بحكي معك" و أنهى المكالمة،



لكن ميراندا كانت تتوقع تصرفا كهذا من فؤاد، ثم التفت فؤاد يميناً و يساراً ليبحث عن الشخص المفترض أن يقابله.

Tuesday, July 10, 2007

اجازة صيف

Image Hosted by ImageShack.us
***
حبايبنا اللي متابعين
رح نغيب عنكم شوي
و منرجعلكم ان شاء الله قريبا
نتمنى لكم ايام صيفية حلوة

Tuesday, July 3, 2007

الحلقة الثانية عشرة / الموسم الثاني

كتبتها نريات
المشهد الاول
لم يضطر نعيم الى اغلاق هاتفه الخلوي بعد مكالمة فؤاد، اذ انه، كالعادة، ما ان ينهي فؤاد كلامه حتي يغلق الهاتف دون ان ينتظر اي كلمة
من نعيم
...
سمع نعيم صوت الزر الذي ينهي المكالمة على الطرف الآخر قبل ان يصمت الهاتف تماماً... انزل هاتفه من على اذنه، و حدّق في الأفق... رنت كلمات فؤاد في أذنه: "بدي أعرف مع مين بتتصل بالايميل، و كل اشي بسعره..."

همس نعيم لنفسه: "لنشوف آخرتها..."

بعد نصف ساعة، كان نعيم يقف امام باب حديدي متآكل الاطراف في احدى ضواحي عمان المنعزلة... امتدت يده لتطرق الباب... انتظر قليلاً قبل أن يسمع صوتاً أجش يأتي من مكان ما خلف الباب: "مش سامعة؟ قومي افتحي الباب..."

سمع خطوات خفيفة مضطربة تقترب، ثم انفرج الباب قليلاً و سأل صوت انثويّ: " مين؟"

رد نعيم: " انا نعيم... صاحب عزّو..."

رد الصوت الأنثوي باضطراب: "استنّى شوي..."

ثم أُغلِق الباب و سمع صوت الأقدام الصغيرة تركض الى الداخل... تلاها صوت الأنثى الصغيرة: "صاحبك نعيم..."

لم تمض ثوانٍ قليلة حتى سمع نعيم صوت خطوات غليظة تمشي نحو الباب بتثاقل، ثم انفتح الباب و ملأ عزّو بجثته الضخمة فراغ الباب...
حدّق قليلاً في نعيم ثم ابتعد جانباً و مشى للداخل قائلاً: "تفضَّل..."

دخل نعيم الممرّ الضيّق الذي يسمّى جزافاً حديقة، و مشى خلف عزّو... لمح في جوف احدى الأبواب الداخلية شكل طفلة صغيرة تراقب بوجل و قد اختفى نصفها في الظلام، قدّر نعيم انّها الطفلة الصغيرة التي فتحت له الباب... و ما ان نظر اليها عزو بعينيه الغائرتين حتى اختفت في الداخل... شعر نعيم بانقباض شديد و هو يرمق بنظرات جانبية الحوائط المتسخة، و الخردة الملقاة هنا و هناك... ثمّ دلف عزّو الى احدى الغرف الجانبيّة و تبعه نعيم...

تأمل نعيم الغرفة الكئيبة... الستائر مغلقة... الغبار يعلو كلّ شيء... الملابس المتسخة ملقاة في كلّ مكان... اعقاب السجائر متناثرة هنا و هناك...

جلس عزّو و تبعه نعيم... سأل نعيم: "كيفك عزّو؟..."

عزّو (ناظراً الى الأرض): اللي مهتم بسأل..
.
نعيم: ما انت عارف يا زلمة، مشاغل الدنيا و كذا...

عزّو: الله يعين كل واحد عمشاغله... شو جابك؟

نعيم (مطلقاً ضحكة مجاملة فشل كل الفشل في جعلها تقترب من الصدق): له يا زلمة... يعني الصحاب ما بيزوروا بعض الا اذا فيها
مصلحة؟
عزّو (و قد حدج نعيم بنظرة ناريّة): نعيم... لمّا انطردت من الجيش و انرميت بالسجن سنتين ما اجيت و سألت عني... و لما ابوي اتجّوز
عأمي و تركلها خواتي التنتين لحالها تربيهم ما حدا فيكم قال خليني اشوف هالمقاطيع الولايا اللي ما الهم حدا شو بدهم... لمّا طلعت من السجن اجيت لقيت امّي مرميّة و المرض ماكلها اكل و ما الها غير بناتها اللي ما بايدهم حيلة عم يبكوا فوق راسها و ما حدا سائل فيها...
ركضت فيها بين المستشفيات لحتى ماتت و ما حدا مدّلي ايدو...

جلس نعيم مطرقاً و شعر بنقاط العرق البارد وهي تتراكض على ظهره...

مرّت دقيقة صمت... أشعل عزّو سيجارة، نفث دخانه و تناول سيجارته بين أصابعه...

نظر الى نعيم ببرود و قال: كل اشي بسعرو... الدنيا مصالح... شو بدّك؟

تلعثم نعيم قليلاً، و جلس عزّو يراقبه سعيدا بارتباكه... ثم تمالك نعيم نفسه و قال: في وحدة بدي اياك تتجسسلي على ايميلها...

ابتسم عزّو بمكر و قال: بغض النظر... اعطيني ايميلها...

تناول نعيم هاتفه الخلويّ و دخل الى صندوق الرسائل الواردة، اختار رسالة معينة و ناول الهاتف لعزّو...

تناول عزّو الهاتف، قرأ العنوان... ثم نظر الى عيني نعيم مباشرة و قام من مكانه... توجه الى طاولة الكمبيوتر خاصته و تناول قلماً من بين
الركام الجاثم على الطاولة... دوّن العنوان ثم عاد الى نعيم و مدّ له يده بالهاتف دون ان يجلس... تناول نعيم الهاتف و نظر الى عزّو الذي بقي واقفاً ينظر الى نعيم... وقف نعيم مسرعاً و قال: "خدلي طريق عزّو..."

ضحك عزّو و قال: "فش حدا غريب... تفضّل..."

توجّه نعيم الى باب الغرفة... دلف الى الممر الخارجي... سار الى الباب الخارجي و توقّف عنده قليلاً... استدار الى عزّو الذي كان ما يزال واقفاً في الباب الداخليّ متّكئأً على اطار الباب...

نعيم (متوجّهاً الى عزّو): عزّو، طبعاً كلّو بسعرو...

عزّو: اكيد... ليش فكرك رح افكّر بغير هيك؟

خرج نعيم و اغلق الباب خلفه، و استند الى الباب... و تنفّس الصعداء... شعر بالانقباض حين تذكر المكان خلف الباب... و حين تذكّر حديث عزّو... فكّر بالفتاتين اللتان تعيشان معه... اقشعرّ بدنه... اعادت له هذه الزيارة ذكريات لم يرغب أبداً في استعادتها... تذكّر فؤاد... و لعنه من اعماق قلبه...

* * * * *
المشهد الثاني

اعادت شيماء اقلامها و حاجياتها الى حقيبتها على عجل، و حملت حقيبتها وهي لا تزال تراجع اجاباتها في ورقة الامتحان... غادرت طاولتها و توجهت الى مراقب القاعة... و استغلت التجمهر الذي يفصلها عنه حتى تراجع المزيد من اجاباتها... تتالى الطلاب في تسليم اوراقهم للمراقب... و وصل دورها فناولت ورقتها للمراقب على عجل و غادرت تتيح المجال للجموع الغفيرة التي تلتها...


خرجت شيماء للهواء الطلق و عقلها لا يزال يعمل بنشاط... و كانت بين الحين و الآخر ترفع رأسها عن الكتاب الذي تراجع فيه اجاباتها و تنظر حولها باحثةً عن صديقاتها ثمّ تعود لتنكبّ على مراجعة اجاباتها... الى ان سمعت صوت شابّ يقول لها: "ها؟ عملتي ايه في امتحانك؟"

رفعت رأسها لتتفاجأ بالشخص الذي يقف أمامها... كان رزق... كانت عيناه الخضراوان ترمقانها و تنتظران رد فعلها على المفاجأة... و ابتسامته المعهودة تعلو محيّاه... وقفت شيماء صامتة تحدّق فيه... ثم ابتسمت... و انطلقت تضحك و هي تقول له: "انت عارف انا مين؟..."

ضحك رزق و قال: حد ما يعرفش بنت عمّ صاحبه!

ضحكت شيماء و قالت: آه... دي عمايل سيف بقى! هوّ فين؟

ردّ رزق: مش بالزبط... انا خدت الكلام من بُقّو... اصلو قاللي انو مستنيكي عشان يديكي مفاتيح عربيتك اللي كانت في التصليح... فقمت
زاقق نفسي معاه! و لمّا طولتي راح يجيبلنا اتنين قهوة... بس باين انهم وظّفوه في الكانتين!

ضحكت شيماء... و وقف رزق يتأمل تلك الفتاة التي تقف أمامه... لم تكن فاتنة الجمال... لكن حجابها ترك أطيب الأثر في نفسه... و كانت محادثاتهما المتعددة عبر غرفة الدردشة التي يرتادانها قد اعطته شيئاً من الانطباع المحبب اليه عن شخصيتها...

ابتسمت شيماء و اخذت تتأمل ذلك الشخص الفريد الذي يقف أمامها... بطوله المتوسط و منكبيه العريضين... و خصلات شعره الطويلة
التي تتدلى على اعلى رقبته... و لحيته الخفيفة... و ابتسمت لها عيناه الخضراوان من خلف نظاراته الزجاجية...
ثم بادرها بتحيّة مرحة: والله اهلاً بيكي آنسة ماشا...

ضحكت شيماء و ردّت: منوّر يا ابو رزق...

رزق: تخيّلي انا عمري ما سألتكيش، انتي موديل ايّ سنة؟

ضحكت شيماء و ردّت: انا موديل تلاتة و تمانين...

ردّ رزق بدهشة سعيدة: و الله؟ ده انا و انتي موديل نفس السنة!

شيماء: طب جميل جدّاً! انا كنت فاكراك اكبر مني!

رزق: لا انا مش اكبر منك ولا حاجة، بس اصلي خدت سنتين في سنة وحدة... نظام كده كانوا بيجربوه و فشل...

شيماء: ايوه... اوكي... دلوقتي فهمت
..
اقبل سيف من بعيد يحمل كأسي قهوة كرتونيين... و ما ان وصل حتى نظر الى شيماء و رزق بالتبادل و قال: ما شاء الله ... ما شاء الله...
انتو تعرفوا بعض قبل كده؟

ضحك رزق و شيماء...

رزق: تقدر تقول كده...

ناول سيف القهوة الى رزق و رمق شيماء بنظرة متسائلة قائلاً: و ايه اللي لمّ الشامي عالمغربي؟ اقصد يعني ايه اللي لمّ الهندسي عالحقوقي؟
ضحكت شيماء و قالت: دي حكاية طويلة...

رزق: لا طويلة ولا حاجة يا شيخة، يقوم فكرو يروح لبعيد ده راجل مش مزبوط... اصلي بروح نفس غرفة الدردشة بتاعة النت اللي ماشا
بتروح لها...
نظر سيف الى شيماء مؤنّباً: ماشا! كمان في النت ماشا! اصحي يا بنت عمي يا حبيبتي من احلامك و رومانسياتك دي!

انبرت شيماء تدافع عن نفسها: يوووه... وانت مالك! يعني عشان جبتو من الكتب؟ طب و الله يا رزق، اسم ماشا وحش ولّا حاجة؟
رزق: ابداً و الله! ده حتى اسم جميل!

شيماء (لسيف): شفت؟ شفت الناس اللي بتفهم؟

و انطلق جرس المحمول من جيب رزق، فتناوله و نظر لاسم المتّصل ثم ضرب جبينه و قال: يووووه! ده صالح! الـ"نيرد"!

ثمّ فتح الخط ليردّ...

رزق: الو...

صالح:......
رزق: ماشي ماشي... طب صالح... صالح ما... يا اخي سيبني اتكلّم!

صالح:......

رزق: الامتحان باقيله ساعة و نص... اوصلك في عشرين دقيقة و نذاكر في اللي يفضل لنا!

صالح:.......

رزق: ماشي، انا قلت غير كده!

صالح: .......

رزق: اوكي... ماشي... ماشي قلتلك! اهو... انا قايم اهو... وانتا مالك! انا جايّ... سلام...

اقفل رزق هاتفه و نظر الى شيماء و سيف، و قال: عن ازنكو بقى... الغلس الدرّيس صاحبي عايزني اذاكر معاه...

ضحك سيف و شيماء...

سيف: طب روح مستني ايه...

رزق: ما انا رايح اهو... يللا عن اذنكو.. باي شيماء..
.
سيف و شيماء: باي...

و وقفت شيماء تراقب ابتعاد صديقها الجديد... كانت سعيدة جدّاً بلقائه غير المتوقّع...


* * * * *
المشهد الثالث

نزل حسام الدرجات و توجه للكراج... من بعيد ضغط زر القفل الكهربائي فاضاءت انوار السيارة و انطفأت مرات متتالية للدلالة على فتح القفل... فتح باب السيارة، و جلس... و قبل أن يغلق الباب، و ضع مفتاحه و اداره... لم يعمل المحرك... ادار المفتاح مرة اخرى فندّ عنه
صوت مكتوم و لم يعمل المحرّك... تراخى حسام للخلف ملقياً نفسه على المقعد و افلتت منه "لاااااا" عفويّة... انقض على المفتاح و اداره
بعزم... فحاول المحرّك جاهداً ان يدور، لكنّه لم يكن ليعمل
...
نزل حسام من سيارته و صفق الباب غاضباً... وضع يديه على خاصرتيه و حدّق في سيارته قليلاً، ثم خاطبها: هلّأ وقتِك!...
جال بنظره في الكراج فوجد سيارة ابيه متوقفة... حاول ان يتذكّر ما حصل قبل قليل، انه يتذكر صوت ابيه و هو ينهر السائق: "قلتلك مش
رايح بالـ BMW!... انتا ما بتفهم؟ حضرلي المرسيدس... و انا لحالي رايح ما بدي حدا يسوق فيّي!..."

ابتسم حسام بسعادة... و فكّر: "داليا حبيبتي... بالتويوتا المفستكة حبيتيني، كيف لو اجيكي سايق
BMW!"

و عاد الى الداخل، و تسلّق الدرجات قفزاً و دخل المنزل متوجّهاً الى غرفة ابيه..
.
طرق حسام الباب فلم يجب أحد... فتح بهدوء فوجد ما كان يتوقّعه... كانت أمّه لا تزال نائمة... ابتسم و همس لنفسه: "لكان ياعمّي!
ضَبضَبَت الشناتي مبارح مشان تنام لآخر لحظة!" ثمّ اقترب منها، و همس قريباً من اذنها: هيام... هيام...

تململت هيام و فتحت عينيها نصف فتحة... و انتظرت قليلاً قبل أن تردّ: عيون هيام... شو في ماما؟

ابتسم حسام و سأل: ايمتى سفرتك اليوم؟ بدّي سيارتك...

انتبهت هيام و اتسعت فتحة عينيها، و قالت: ابوك طلع؟

حسام: آآ... من الصبح...

هيام: و انتَ؟

حسام: انا هلّا طالع... بس بابا ماخد المرسيدس و سيارتي خربانة، فبسير آخد الـ
BMW؟

هيام: آآ ماما... خودها...

حسام: ايمتى مسافرين؟

هيام: طيارتنا عالـ 12 ... يعني عالـ 11 لازم نكون هناك... بترجع كتير قبل 11؟

حسام: ما بعرف... بس اكيد بشوفكم قبل السفر!

هيام: ابوك قال ايمتى راجع؟

حسام: لأ! مش حسب ما بتذكّر!

اندهش حسام لكثرة اسئلة امه، ولكن لحسن حظها فقد توقفت في اللحظة المناسبة...

هيام (بتكاسل): اوكي ماما... خود السيارة و اطلع... انا هلا بدي انام...

قبل حسام جبين امّه و قال: انتي احلى ام بالدنيا... شكراً يا حبيبة روحي...

القت رأسها على الوسادة بسعادة و اغمضت عينيها...

دار حسام حول السرير الكبير للجهة الأخرى، بحث عن المفتاح على الـ"كومودينو" الصغيرة الموجودة قرب رأس ابيه... لم يجده، فتوجه مباشرة الى علاقة الملابس و مد يده في جيوب السترة فلم يجد شيئاً...
فمد يده ليبحث في جيوب البنطال... قبضت اصابعه على المفتاح، و حين سحب يده بالغنيمة التي تمسكها انسلّت قصاصة ورق صغيرة و تشقلبت في الهواء بضعة مرات قبل ان تستقر على الأرض بهدوء
...
انحنى حسام على الورقة و رفعها ناوياً اعادتها... لكن عينيه لمحتا شيئاً جعله يقرب الورقة من وجهه و يحدق فيها... كان اسم "ميرندا سانشيز" يتربع في أعلى القصاصة... و تحتها بضعة عبارات بلغة غريبة قدّر حسام انها الاسبانية... و أدهشه ان الكتابة كانت بخطّ يد ابيه... تمنّى لو يفهم ما كتب، لكن من سيسأل؟

نظر نحو امه بهدوء، و اعاد القصاصة الى جيب ابيه
...
نزل حسام الدرجات... توجه للسيارة و فتح الباب... ادار المحرك و انطلق، و في رأسه سؤال واحد يدور: ما هي حكاية ميراندا؟!! و لماذا يشعر بالانزعاج من الغموض الذي يكتنف علاقتها بابيه؟ ايعقل انهُ.... يغار؟!!!

* * * * *
المشهد الرابع

استيقظ نعيم على رنين جرس هاتفه المحمول... دون ان يحرّك سوى يده التي انطلقت تتحسس الطاولة الصغيرة قرب السرير... قبضت اصابعه على الهاتف و فتح الخط، و الصق الهاتف بأذنه و قال بصوت يغشاه النوم: الو
...

جاءه صوت عزّو من الناحية الأخرى واضحاً و حازماً: نعيم... لازم أشوفك...

اعتدل نعيم في جلسته و قال: عزّو؟ شو في؟

عزّو: ضروري أشوفك...

نعيم: طب احكيلي شو في؟

عزّو (بنفاذ صبر): يا نعيم ما بنفع...

نعيم: طيب... طيب... (ناظرا الى ساعته) انتَ بالبيت؟

عزّو: ايوه...

نعيم: كمان ساعة ونص او ساعتين بكون عندك...

بعد ساعتين... كان نعيم يقف امام ذلك الباب المقيت... حدّق في الباب قليلاً، ثمّ رفع يده و طرق الباب... سمع صوت خطوات عزّو و هو
يقترب مسرعاً، فتح عزّو الباب، أمسك بيد نعيم... و سحبه للداخل... أغلق الباب، و أخذ نعيم لغرفته بسرعة..
.
أغلق باب الغرفة و اشار للكمبيوتر...

عزّو: تفضّل!

نظر نعيم الى الشاشة السوداء التي اضاء في وسطها سطر ابيض واحد كان يومض بسرعة:

All Data On All Hard Disks Is Erased

حدّق نعيم في الجهاز... ثم نظر الى عزّو مستفسراً..
اجاب عزّو: انا مش عارف شو هي هاي البنت... ولك بعمان كلها ما في حدا بغلبني بالهاكنج... انا سطيت عكمبيوترات أعتى الهاكرز...
مافي كمبيوتر عجزت عنو... انتَ عارف شو صار مبارح؟ بعتلها ملف مشان اقدر افوت عايميلها... وصلني منها ايميل... بدون حتى ما
افتحو، عمل داونلود لبرنامج، و طلعلي رسالة:
Data is being Erased…

و ما نفع معو ولا ريستارت ولا اطفاء ولاااا اشي... قعدت زي اللوح اتفرج عالبلوة اللي بعتتلي ياها و هي عم تمسحلي الهرد دسك!

نظر نعيم مصدوماً الى الشاشة... و في ذهنه فكرة واحدة: ماذا سيقول لفؤاد!...